أحب أولا أن أعرض الموضوع من وجهة النظر النصرانية , لبيان مدى تغلغل الفكرة وتسلطها فى الغرب , والمعلومات التالية مقتبسة عن المواقع الأمريكيه
يوجد اعتقاد جازم في العقل الغربى بشؤم أى يوم جمعة يوافق اليوم الثالث عشر من الشهر حسب التقويم الميلادى ولهذا الخوف المرضى اسم علمى وهو : (Paraskevidekatriaphobia)
وهذا الخوف من الموروثات الثقافية وليس له تعليل علمى عند المصابين به , فهم يكتفون بالإيمان بإرتباط هذا اليوم بالشر دون محاولة البحث عن أصل ذلك الشر .
اصدقنى القول (يخاطب الكاتب مواطنيه) :ربما لا تتخذ إحتياطات خاصة لهذا اليوم , ولكن هل أنت محصن كلية ضد هذا الإعتقاد ؟ إذا كان لديك الخيار أتتزوج فى ذلك اليوم ؟ هل تبدأ بإستلام عملك الجديد ؟ أو تنتقل إلى بيتك الجديد ؟ " معظم" الأميريكيين لا يفعلون , حتى ولو كانوا لا يظهرون هلعا علنيا من ذلك اليوم , كما و أن الخوف يزداد أثناء المتاعب الصحية وحالات الوهن النفسى والأزمات عموما .
ولهذا الخوف جذور عميقة فى الثقافة الغربية ويظهر ذلك جليا فى تقاليد الديانة المسيحية .
جذورهذا الخوف فى التقاليد المسيحية :
ينبع الخوف من هذا اليوم من منبعين مختلفين :
• الرقم 13 .
• يوم الجمعة .
13 هو عدد الأشخاص الذين تواجدوا فى مأدبة العشاء الأخير للمسيح (عليه السلام , وبرأه الله منهم) , وكان يهوذا هو الشخص الثالث عشر فى الوصول إلى مكان المأدبة .
كما أن الجمعة هو يوم صلب المسيح ( حاشا لله ) .
ويعتقد بعض المختصين بمقارنة الأديان بأن أدم وحواء أكلا من شجرة الفاكهة المحرمة فى يوم الجمعة , وأن الطوفان الأكبر بدأ يوم الجمعة , ولهذه الأسباب كان العديد من النصارى لا يبدأون مشروعا أو يسافرون فى يوم الجمعة خوفا من أن تتنزل عليهم اللعنات .
وكان البحارة منغمسين فى ذلك الأمر بشدة : فكان من المعتاد التمرد و رفض الخروج إلى عرض البحرفى يوم الجمعة , وطبقا لرواية غير مؤكدة ,قامت البحرية الملكية البريطانية فى أوائل القرن التاسع عشر الميلادى (قريبا من الـ 1800 ميلادية ) بمحاولة لقتل هذه الأسطورة والتى كانت تتسبب بالتأكيد فى إرباك سلاسة العمل فى البحرية والتى كانت عصب قوة الإمبراطورية , ولذلك تم تدشين سفينة جديدة بإسم : H.M.S. Friday ,وذلك فى يوم جمعة , كما تم إختيار الطاقم فى يوم جمعة , وأختير شخصا يسمى James Friday ليكون قبطان السفينة , وفى صباح يوم جمعة ابحرت السفينة . . . . ثم إختفت ولم يعلم عنها شىء . . وبالتالى ترسخت الأسطورة بدلا من أن تهدم .
كما جاءت حادثة تحطم مركبة الفضاء " أبوللو 13 " لتعزز مكانة الرقم 13 المرعبة فى قلوب الغربيين .
يرجع بعض المؤرخين عداء النصارى للجمعة الى وقت نشأة الكنيسة الكاثوليكية , حيث كرس التقويم الرومانى يوم الجمعة لعبادة فينوس إلهة الحب عندهم , وسمى وثنيو شمال أوروبا( الذين انحدر منهم الفايكنج والإنجليز) يوم الجمعة بإسم Frigg أو Freya ( إلهة الحب والجنس عندهم ) و هذا الإسم هو أصل كلمة (Friday ) . . ولما كانت هذه العبادات تمثل تحديا لهيمنة الذكورة فى الكاثوليكية إضطهد الكاثوليك يوم الجمعة .
شخصنة الأشياء أيضا ربما لعبت دورا فى الخوف من الرقم 13 حيث قيل ان Freya كانت تجتمع بإثنتى عشر ساحرة ليكون مجموع الحاضرين 13 وربما كانت هذه الفكرة نشرتها الكنيسة للتنفير من هذه العبادة حيث انها مماثلة للأسطورة المسيحية القائلة بإجتماع الشيطان مع الساحرات وبالطبع كان عددهن 12 ساحرة .
كما أن عدد أشهر السنة فى التقويم القمرىاللونرى الوثنى (Pagan lunar calendar) كان 13 شهرا .
وفى معتقدات وثنيو شمال أوروبا توجد قصة عن مقتل بطلهم المحبوب "بالدر " أثناء وليمة على يد الإله العابث "لوكى" وكان عدد الحاضرين 13 بالطبع ( لاحظ أن هذه القصة ربما كانت الأصل الذى أخذت عنه قصة العشاء الأخير ) , ولذلك فطبقا للعرف الغربى لا ينبغى للمرء قبول الدعوة إلى وليمة يكون عدد مدعويها 13 مدعوا .
فى العصور الوسطى : قام ملك فرنسا فيليب فى يوم الجمعة الثالث عشر من أحد أشهر العام 1306 الميلادى بإعتقال فرسان الهيكل (إحدى فصائل الصليبيين ) كما نكل بهم , مما حدا بالنصارى الى إعتبار اليوم يوم شدة على المؤمنين .
كان الجمعة هو يوم قطع الرؤوس والشنق فى التقاليد البريطانية و كان عدد الدرجات المؤدية إلى المشنقة 13 درجة .
فى العصر الحديث لا يرجع سبب التخوف من هذا اليوم إلى تمسك بمعتقدات دينية بل يستند الى تجارب شخصية , حيث يتعلم الأطفال من الآباء أن هذا اليوم فيه مايستحق الخوف منه , ومع نمو الأطفال تترسخ هذه العقيدة مع سهولة ظهور الأدلة , فأى حادث بسيط (إراقة فنجان القهوة , إختفاء أوراق مهمة , عدم اللحاق بميعاد مهم , إنقطاع التيار الكهربى . . . إلخ) يمكن إيعازه بسهولة الى إقتران الجمعة بالرقم 13 .
كل ما سبق كان من وجهة النظر النصرانية الرسمية والشعبية دون إشارة إلى أى علاقة للإسلام بالأمر . . ولكن كنت قد طالعت وجهة نظر فى "مجلة التوحيد" لأحد أساتذة جامعة الأزهر وكانت أكثر عمقا . . حيث فند الأستاذ الصورة التقليدية للأمر وألقى الضوء على بعض الجوانب التى كانت مجهولة لدينا فى الموضوع . .
فكل الخزعبلات النصرانية السابق ذكرها لا تقارن بسبب آخر مهم لكراهية هذا اليوم , وهو سبب يرتبط بالحروب التى وقعت بين المسلمين والنصارى منذ فجر الإسلام . . فإلى جانب المواقع الكبرى المشهورة تاريخيا هناك آلاف المعارك المتوسطة والصغرى وكان الكثير منها يقع فى يوم الجمعة وكانت نتائجها كما لا يخفى عن فطنتكم أن عددا قليلا من المسلمين يحملون أسلحة بسيطة يمزقون جيوشا جرارة من النصارى الذين يحملون أسلحة "متطورة" حسب مقاييس ذلك العصر . . وإذا وافق يوم المعركة اليوم الثالث عشر من الشهر طبقا لتقويمهم كانت الهزيمة اشد وأنكى . . فكان لا بد من إيجاد تفسير دينى لهذه الكارثة بديلا للتفسير المنطقى وهو أن الحق مع هؤلاء المنتصرين لأن إنتصارهم معجزة إلهية , فعزى قساوستهم الهزيمة إلى شؤم الجمعة والرقم 13 وأخذوا يبحثون فى تواريخهم عن يهوذا وخروج آدم من الجنة . . .إلخ .
كماإكتشفوا أن الحروب التى تقع فى السنوات الميلادية التى يبلغ مجموع أرقامها 13 , تكون الهزيمة فيها مضمونة بغض النظر عن أية إعتبارات أخرى . . كأعداد المقاتلين أو نوع السلاح وعلى سبيل المثال لا الحصر :
فتح أنطاكية 1084 م (إجمع الأرقام) .
تسليم دمشق إلى صلاح الدين 1174 م (إجمع الأرقام) .
إسترداد حلب من الصليبيين 1183 م (إجمع الأرقام) .
فتح القسطنطينية 1453 م (إجمع الأرقام) .
موقعة اليرموك 635 م (المجموع 14 ولذلك انظر التاريخ الهجرى : 13 هـ )
معركة ملاذكرد حيث سحق جيش الروم تماما على يد المسلمين السلاجقة ووقع الإمبراطور أسيرا وكان ذلك فى العام 1071 م والمجموع ليس 13 ولذلك أحيلك الى التاريخ الهجرى: ذى القعدة 463 هـ ( إجمع الأرقام) .
وربما كانت هناك تواريخ لمعارك وفتوحات أخرى فى البحر المتوسط فى صقلية ومالطة وقبرص وكريت وكانت ضد نصارى ايضا .
ويكاد يكون هذا الأمر خاصية لمعارك المسلمين مع الروم النصارى , ولعله لم يحدث مع الفرس أو غيرهم , وفى الحديث الشريف ورد ما معناه (فارس نطحة أو نطحتان ويفتحها الله , أما الروم فذات قرون كلما فنى قرن قام من بعده قرن آخر ) .
ونلاحظ أن القرن الميلادى الماضى إحتوى 4 تواريخ بها هذه الخاصية كان ثلاثة منها فى عمر الخلافة وواحد فقط بعد زوالها وهى 1903 - 1912 - 1921 - 1930 , أما القرن الحالى فيحتوى 8 تواريخ وهى :
2029 – 2038 - 2047 - 2056 – 2065 – 2074 – 2083 - 2092 ( فهل نستبشر خيرا؟ ) .
يبقى أن أؤكد رفض المنطق الإسلامى لإتباع طريقة النصارى فى نسبة النفع والضر إلى غير الله من مواقيت وتواريخ وغيرها . . . والخلاصة أن الأمر كالنوء . . . فكما جاء بصحيح مسلم عن الرسول صلى الله عليه وسلم : ( هل تدرون ما قال ربكم . . , قالوا الله ورسوله أعلم . . , قال : قال أصبح من عبادى مؤمن بى وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بى كافر بالكوكب , وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بى مؤمن بالكوكب )
وبالقياس فالنصر فى ملاحم المسلمين مع الروم هو من عند الله وليس بسبب يوم الجمعة المبارك أو الرقم13 ولا ننسى أن : (الجمعة خير يوم طلعت عليه الشمس . . .) و ( إن الله وتر يحب الوتر ]